الاختيار في الاصطلاح التربوي فهي اكتساب القدرة على التمييز والتصنيف والمفاضلة الواعية بين مجموعة خيارات سواء في المحيط المدرسي أو المحيط الاجتماعي وهي بذلك تستلزم مجموعة مواصفات كالاستقلالية و الوعي بالذات والإحساس بالمسؤولية .
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الطفل قادر في مختلف مراحله العمرية على الاختيار فهو من سن الثانية قادر على تفضيل طعام عن آخر، وما بين الخامسة والسادسة من عمره قادر على تفضيل لون أو لباس دون آخر، و يكتسب قدرة المفاضلة بين الأنشطة ذات الطابع الاجتماعي ابتداء من السنة الثامنة . إلا أن الطفل بطبيعته المحافظة نوعا ما يميل إلى اختيار ما اعتاد عليه ، فالطفل الذي اعتاد على ايقاع تعلمات محددة مسبقا لا يملك سوى أن يختار التعلمات التي تعود عليها، إنه بمعنى آخر لا يملك آفاقا أخرى غير ما تعود عليه. إنه يأتي للمدرسة عن عادة لا عن خيار، ويجيب طبقا لما تعلمه لا لما يعرفه. إن هذا الواقع يحيلنا إلى ضرورة نقل الطفل من اختيار ما اعتاد عليه إلى اختيار ما يريده كذات مستقلة واعية باختياراتها وهو ما يعني نقل الطفل من الاختيار بالعادة إلى الاختيار الواعي والمسؤول.
أجرأة التربية على الاختيار:
التربية على الاختيار كأساس استراتيجي لا تتضح معالمها إلا من خلال أجرأة عملية لمضمونها النظري في ميدانها التطبيقي المتمثل في المدرسة بل و في الأسر قبلها .ومن بعض الوسائل المساعدة على ترجمة الحرية على الاختيار إلى ممارسات ملموسة، أن نزرع في نفوسهم القيم الروحية والإنسانية لا بالكلام فقط بل بالمثل أيضاً فنعيش معهم الانفتاح والمشاركة في جو سليم يساعدهم على الاختيار ،و أن نشركهم في الاختيارات التي تُهم الأسرة بكاملها. كيف سنحتفل هذه السنة بعيد الفطرمثلاً؟ اين سنقضي عطلتنا ؟.
لقد ورد تأكيد ملحوظ ضمني و صريح، في الميثاق الوطني للتربية و التكوين، وفي الكتاب الأبيض الصادر عن وزارة التربية الوطنية، على تكوين القدرات والمهارات المختلفة التي تؤهل المتعلم لامتلاك كفاية "الاختيار"... و يكفي التذكير باعتبار "التربية على الاختيار" أحد المداخل البيداغوجية لمرجعية مناهج التربية والتكوين، إلى جانب "التربية على القيم، و تنمية و تطوير الكفايات التربوية"
تعريف:
- المعنى المعجمي للفظ "الاختيار":يعني لفظ "اختيار" تمييز عنصر عن عنصر آخر، أو عن عناصر أخرى، و تفضيله عنها. و مقابل ذلك يتم إبعاد ما لم يتم تفضيله. إذ يصبح فعل الاختيار فعلين: فعل إثبات، وفعل نفي... فالاختيار إثبات للعنصر الذي يفضله المرء تمييزا له عن غيره. و هو نفي للعناصر الأخرى، التي لم يفضلها المرء، والتي هي دون مستوى العنصر الذي ميزه وفضله.
انطلاقا من هذا المعنى للفظ "الاختيار"، كيف نفهم المدخل البيداغوجي الذي يطلق عليه: التربية على الاختيار...؟؟
يمكن تحديد "التربية على الاختيار" كما يلي:التربية على الاختيار هي تربية تستهدف تمرن المتعلم على ممارسة مجموعة من العمليات، والتي يتداخل فيها ما هو عقلي- منهجي، وما هو سلوكي- مواقفي.
كيف ذلك....؟
يتجسد ما هو عقلي-منهجي في كون التربية على الاختيار تتأسس على اكتساب المتعلم القدرة على المقارنة وبين عنصرين، أو مجموعة من المعطيات. بل إن التربية على الاختيار توجه المتعلم إلى استثمار مقارنته في تمييز أحد العناصر، كي يكون هو موضوع الاختيار، و يتدخل المستوى العقلي-المنهجي، في سيرورة التربية على الاختيار، حينما يكتسب المتعلم قدرات تفسير اختياره والبرهنة عليه.
و يتجسد المستوى السلوكي- المواقفي، الذي يرتبط بفعل الاختيار و التربية عليه، في النتيجة التي سينتهي إليها المتعلم بعد المقارنة و التمييز والبرهنة، و يتعلق الأمر بالسلوك الذي سيختاره و يتبناه، و بالموقف الذي سيميزه عن غيره، و يبرهن عليه كموقف يراه إيجابيا، و يتخذه موقفا لنفسه.
ثالثا : التريية على الاختيار.
1 ــ المفهوم : ترتبط التربية على الاختيار بقيمتي الحرية والإرادة ، بوصف القدرة على الاختيار قيـــمة ديموقراطية . وتلعب دورا مركزيا في تحقق التعلم ، إذ لا تعلم في غياب الحرية في مناخ الفـصل الدراسي والمؤسسة التربوية ، وفي غياب الإرادة الواعية( الرغبة الذاتية) باعتبارها المنطلق الضروري لحصول تعلم مستمر.
2 ــ أساليب التربية على الاختيار :
" التربية على الاختيار واتخاذ القرارمن خلال إدراج مشروع شخــــــــصي في مسار الـــدراسة في الإعدادي ، وإدراج مجزوءات اختيارية في مناهج السلك التأهيلي ، وترك المرونة اللازمة لانتقال المتعلم من قطب لآخر أو من شعبة لآخرى داخل القطب " (3) .
وبذلك وجب تدريب المتعلم في المدرسة الابتدائية على التربية عل الاختيار من خلال :
• ـــ مشروع شخصي /جماعي داخل الفصل الدراسي / داخل المؤسسة .
• ــ البحث القبلي لبناء الدروس اليومية.
• ــ إدماج الثقافة المحلية ومعطيات المحيط من خلال وضعيات ديداكتيكية دالة .
• ــ تشجيع المبادرات الشخصية وتوفير مجال عرضها.( مما يشجع على التعلم الذاتي ).
• ــ اختيار الموارد لحل مشكل وضعية تعلمية.
• ــ التدرب على تدبير الزمن عند التعامل مع الوضعيات .
• ـــ خلق مناخ تربوي يسمح بالمشاركة وإبداء الرأي .
3 ــ امتدادت التربية على الاختيار :
يسمح الوعي بالقدرات الذاتية للمتعلم ب :
• ـــ اختيار الهواية ومجال الاشتغال والشعبة الدراسية المناسبة.
• ـــ تنمية كفاية التواصل باختيار التعبير المناسب للتخاطب وكذا الوقت الملائم مما يسمح بتعرف الآخر.
• ــ النجاح في الحياة بحسن اختيار المهنة ، المهمة ...