قبل البدء أقول إنَّ الاختلاف في اللغة العربية لا يعد عيبا فيها ,بل هو سر جمالها وديمومتها في الحياة فهي كالبحر كلما تغوص فيها تجد أشياء جديدة تزيدها جمالا وبلاغة ولهذا اختلفتْ المدارس النحوية وجميع علماء اللغة فيها. فهناك حصل اختلاف في اشتقاق الاسم , فذهب الكوفيون على أنَّ الاسم مشتق من ( الوَسْمِ ) وهو العلامة وكانت حجتهم على ذلك قالوا : الوسم في اللغة هو العلامة والاسم وسم على المسمى وعلامة له يعرف به فإذا قلت ( زيد ) دل على المسمى فصار كالوسم وقال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب : الاصل في ( اسم ) (وسم ) إلا أنه حذفتْ منه الفاء التي هي الواو في ( وسم ) وزيدتْ الهمزة في أصوله عوضا عن المحذوف ووزنه ( إعل ) لحذف الفاء منه. ولكن أُخِذ على الكوفيين في رأيهم هذا عدة مآخذ وأن كان صحيحا من جهة المعنى إلا أنه فاسد من جهة اللفظ فلا بد من مراعاة اللفظ , ووجه الفساد في خمسة أوجه : الوجه الأول : أنَّا أجمعنا على أنَّ الهمزة في أوله همزة تعويض وهمزة التعويض أنما تقع تعويضا عن حذف اللام لا عن الفاء , فعندما وجدنا في أول ( اسم ) همزة التعويض علمنا أنه محذوف اللام لا محذوف الفاء فدل على أنه مشتق من السمو لا من الوسم. الوجه الثاني : أنَّكم تقولون ( أسميته ) ولو كان مشتقا من الوسم لوجب أنْ تقولوا ( وسمته ) فلما لم تقولوا إلا ( اسميته ) دل على أنه من السمو . الوجه الثالث : أنَّكم تقولون في تصغيره ( سُمَيُّ ) مشتقا من الوسم لكان يجب أنْ تقولوا في تصغيره ( وُسَيْم ) لان التصغير يرد الأشياء إلى اصولها فلما لا يجز أن يقال إلا (( سُمَيّ )) دل على أنه مشتق من ( السمو ) لا من ( الوسم ) الوجه الرابع : أنَّكم تقولون في تكسيره ( اسماء ) ولو كان مشتقا من ( الوسم ) لوجب أنْ تقول (أوسام ) و( أواسيم ) فلما لم يجز أن يقال إلا ( اسماء ) دل على أنه مشتق من ( السمو ) لا من ( الوسم ) الوجه الخامس : قد جاء عن العرب أنهم قالوا في ( اسم ) ( سُمى ) على مثال ( عُلى ) والاصل فيه ( سُمَو ) إلا أنهم قلبوا الواو منه الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار ( سُمى ) أما البصريون : قالوا أنه مشتق من السمو وهو العُلُوُّ. فكان دليلهم قالوا: ( سما يسمو سموا ) اذا علا ومنه سميت السماء سماء لعلوها والاسم يعلو على المسمى ويدل على ما تحته من المعنى ولذلك قال أبو العباس ( المبرد ) الاسم ما دل على مسمى تحته , فلما سما الاسم على مسماه وعلا على ما تحته من معناه دل على أنه مشتق من السمو لا من الوسم .