تنبع أهمية نظرية شومسكي (ذات المنحى الديكارتي) في النحو التوليدي واكتساب اللغة، من فرضيتها الأساسية القائلة بأن كل اللغات البشرية تنبع من أصل واحد أي من لغة واحدة تعكسها بنية فطرية محددة في العقل، وهذه البنية إذا ما تعرضت للبيئة، تصبح قادرة على ترجمة نفسها بواسطة قواعد تحويلية إلى أنساق لغوية ونحوية متباينة حسب تباين المجتمعات والحضارات. ويعني هذا أن الجهاز العصبي البشري يحتوي على تركيب عقلي يتضمن مفهوما غريزيا عن لغة البشر، سماه شومسكي(جهاز اكتساب اللغة)، يسمح للطفل أن يستنبط قواعد اللغة وقوانينها من المدخلات اللغوية التي تصل عن طريق الأذن. وما يدعم وجهة النظر هذه هو تشابه تسلسل مراحل اكتساب اللغة عند الأطفال في مختلف الحضارات. المقدرة اللغوية إذن، حسب شومسكي، محددة وارثيا وتدخل في تكوين الذهن البشري، ولا يعمل الطفل إلا على تطوير كفاءة خاصة تؤهله للتمكن من قواعد اللغة. إنه يكتشف الكلمات والجمل والعلاقات بينها، ثم يكون جملا وتعابير صحيحة نحويا، فأطفال العالم كلهم يفهمون بشكل سريع العلاقة التي تربط بين المسند إليه (الكلب) والمسند (ينبح) أو الروابط التي تحدد الوظائف الكبرى للجملة (جملة إسمية/ جملة فعلية). وهكذا فجميعهم يتمكنون من البنيات اللغوية بعد بلوغ 5 سنوات اعتمادا على قدراتهم الفطرية.
لا يدعي شومسكي أن بإمكانه أن يثبت علميا كون البنية اللغوية عند الطفل فطرية، مثلما يستحيل إثبات أن العنكبوت تنسج خيوطها بالغريزة. فهو يرى أن تطور اللغة شبيه بتطور الرؤية. هناك في الدماغ مراكز متخصصة تعنى برؤية الألوان والأشكال والحركة... وتتطور قدرات التمييز هذه خلال الأسابيع الأولى من الحياة، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الأجهزة العقلية التي تتيح الرؤية هي فطرية وعالية التخصص في هذا الإطار، يرى شومسكي أن كل طفل يمتلك قدرة لغوية فطرية تمكنه من اكتساب اللغة. لذلك فسر هذا الاكتساب على أساس وجود نماذج أولية للصياغة اللغوية لدى الأطفال تشترك فيها جميع اللغات. هذه النماذج هي أولية، بمعنى أن الطفل لا يتعلمها، بل هي قدرة فطرية على تحليل الجمل وتركيب أخرى لم يسمعها مطلقا، وقد يفعل الطفل ذلك بشكل صحيح تماما منذ البداية، أو بشكل يكون على الأقل مفهوما ومقبولا من طرف الآخرين.