- الفعل في اللغة عمل الشيء و صنعه ، و في الاصطلاح النحوي كلمة تدل على حدث و زمنه .
- و الزمن إما ماض انتهى و انقضى ، و إما مستقبل لم يقع بعد ، في حين يظل الحاضر لحظة وهمية لا يمكن تحديدها إلا بإيقاف عجلة الزمن ، و هذا محال .لذا يحسب للعربية أنها لم تضع صيغة للزمن الحاضر ، و إنما جعلت صيغة المضارع دالة على الحال و الاستقبال . لكن هل يستخلص الزمن بالضرورة من صيغة الفعل الصرفية أو أن هذه الصيغ تصبح شكلية في تحديد المعنى في ضوء المعطيات السياقية ؟
- يرى تمام حسان أن زمن الفعل لا يستخلص بالضرورة من صيغة الفعل الصرفية ، بل يمكن أن يستنتج من السياق ؛ ذلك " أن الزمن في النحو
وظيفة السياق و ليس وظيفة صيغة الفعل ؛ لأن الفعل الذي على صيغة فَعل قد يدل في السياق على المستقبل ، و الذي على صيغة المضارع قد
يدل فيه على الماضي " .
على هذا الأساس ، ينبغي التمييز بين زمنين داخل الفعل ؛ زمن تدل عليه صيغة الفعل الصرفية ، و آخر تحدده المعطيات السياقية ، و يطابق
الأول ما هو متعارف عليه عند النحاة بالماضي و المضارع و الأمر ، إن جاز ربط صيغة هذا الأخير بمفهوم الزمن ، و قد يكون هذا المسوغ هو الذي جعل الفاسي الفهري يقتصر في اللغة العربية على زمنيين هما : الماضي و اللاماضي . في المقابل ، نجد أن الزمن الذي تحدده المعطيات السياقية نحوي خالص ؛ إذ لا يمكن الاقتصار فيه على الصيغة الصرفية فحسب ، و إنما ينبغي الإحاطة أيضا بمعطيات السياق التي من شأنها أن تساعد على معرفة زمن الأفعال ، بل إنها المتحكم الفعلي في تحديد زمنها في حالة تعارض الزمنيين الصرفي و النحوي .
و نسوق تمثيلا لهذا التعارض بين الزمنيين الصرفي والنحوي ؛
قال الله تعالى : " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " ؛ فالفعل أتى يدل بدلالة صيغته الصرفية على الماضي ، إلا أن سياق وروده يفيد المستقبل بدلالة (فلا تستعجلوه) ؛ إذ لا يمكن أن نستعجل حدثا مضى و انقضى ، و إنما حدثا في طور الوقوع .
و بذلك ، خرج الفعل بدلالة السياق عن الزمن الماضي ليفيد المستقبل .